معرض الحضارة المصرية القديمة في شانغهاي: كيف حلّق فوق قمم الأهرامات
عرض مباشر للقطع الأثرية داخل المعرض. [الصورة/the paper.cn]
نجح متحف شانغهاي في تنظيم المعرض الكبير "على قمة الهرم: الحضارة المصرية القديمة" من يوليو 2024 إلى أغسطس 2025، ليصبح أحد أبرز الأحداث الثقافية لهذا العام. ارتكز المعرض على 788 قطعة أثرية مصرية ثمينة، واستمر 13 شهرًا، وجذب 2.778 مليون زائر، وحقق إيرادات بلغت 760 مليون يوان، مسجّلًا رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا. وإلى جانب ذلك، أثار نقاشات ثقافية من خلال برامج مبتكرة مثل "أسبوع الختام المستمر 168 ساعة بلا توقف" و"ليلة القطط"، والتي عزّزت التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأسهمت في تنشيط الاقتصاد الليلي.
عوامل نجاح المعرض
جاء النجاح نتيجة عدة عوامل. فقد حظي المعرض باهتمام واسع بفضل ندرته غير المسبوقة وضخامته، حيث عُرضت 95% من المعروضات لأول مرة في آسيا. كما أبدع فريق التنظيم في تصميم هيكل سردي متقن جمع بين السرد التاريخي العام والموضوعات المتخصصة، عبر ثلاثة أقسام: "أرض الفراعنة"، "أسرار سقارة"، "عصر توت عنخ آمون"، مما أتاح الجمع بين العمق والجاذبية.
الابتكار في التشغيل
شهد التشغيل تدابير مبتكرة: فقد أسهمت ساعات العمل الليلية واستراتيجية تسعير التذاكر حسب الوقت في تلبية الطلب المتزايد على زيارة المعرض، بينما ربطت فعاليات اجتماعية مثل "ليلة متحف القطط" الرموز الثقافية لمصر القديمة بالحياة الحضرية المعاصرة، ما أشعل التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي. أما على صعيد التكنولوجيا، فقد أتاح مشروع الواقع الافتراضي "الفرعون المفقود" تجارب غامرة مكّنت الجمهور من مختلف الخلفيات من التعمق في المعرض.
من الاستهلاك الثقافي إلى القيمة الأكاديمية
تجاوز المعرض حدود الاستهلاك الثقافي ليحقق قيمة أكاديمية. فإلى جانب بيع أكثر من 1200 منتج ثقافي وإبداعي بنجاح، أُعلن في ختامه عن إطلاق مشروع تنقيب أثري مشترك مع مصر في معبد سخمت بمدينة منف. وهذا يدل على أن تأثير المعرض لم يقتصر على النجاح الجماهيري والمالي، بل امتد إلى التعاون الأكاديمي وبناء شبكات بحثية دولية.
السياق الاجتماعي والاقتصادي
قدّم انتعاش الاقتصاد الصيني وسياسات دعم الاقتصاد الليلي بيئة مواتية للمعرض. كما عزز تموضع شانغهاي كمركز دولي لاستهلاك الثقافة ومواردها الغنية في دعم تنظيم هذا الحدث الثقافي واسع النطاق. ولبّت استراتيجية التسعير المتوسط لتذاكر الدخول تطلعات المستهلكين المعاصرين، مانحةً إياهم مزيجًا من الإشباع الثقافي وفرصة للتفاعل الإجتماعي. علاوة على ذلك، ضمنت الشراكة المباشرة بين الصين ومصر شرعية مصدر القطع الأثرية وعززت الثقة الثقافية، مما رفع من مكانة الصين في مجتمع المتاحف العالمي.
ما بعد "على قمة الهرم"
قد يكون من الصعب تجاوز نجاح معرض "على قمة الهرم"، لكن المتاحف وصالات العرض الفني لا تزال تمتلك إمكانات هائلة. فنجاح أي معرض لا يُقاس فقط بعدد الزوار أو الإيرادات، بل يجب أن يشمل أيضًا المساهمات الأكاديمية، والوظائف التعليمية، والتأثير الاجتماعي، فضلا عن تجربة الزوار، وحماية الآثار، والالتزام بالمسؤولية الثقافية