نمو التجارة الخارجية يدعم تعميق الانفتاح
من المتوقع أن تظل التجارة الخارجية عنصراً محورياً في أداء الاقتصاد الصيني عام 2026، مع تركيز صناع السياسات والمصدّرين على ترقية الصناعات، والانفتاح عالي المستوى، وتنويع الأسواق كعوامل رئيسية للنمو، بحسب ما قاله مسؤولون حكوميون واقتصاديون يوم الاثنين.
وبالتزامن مع اقتراب انعقاد المؤتمر المركزي للعمل الاقتصادي، أوضح الخبراء أنه مع استقرار الطلب العالمي وتحول هيكل الصادرات الصينية نحو المنتجات عالية القيمة والخضراء، فإن قطاع التجارة الخارجية يمتلك قاعدة قوية لدفع النمو الاقتصادي، وتعزيز أمن سلاسل الإمداد، وتطوير قوى إنتاجية جديدة وعالية الجودة.
ويُعقد المؤتمر عادة في ديسمبر لتحديد توجهات السياسة الاقتصادية للعام التالي، ويحظى باهتمام واسع من مجتمع الأعمال الدولي، كونه يحدد أولويات الاقتصاد الكلي والإصلاحات الرئيسية للصين.
بلغت قيمة التجارة الخارجية للصين 41.21 تريليون يوان (5.83 تريليون دولار) في الأشهر الـ11 الأولى من عام 2025، بزيادة 3.6% على أساس سنوي، بينما ارتفعت الصادرات بنسبة 6.2% إلى 24.46 تريليون يوان، وفق بيانات إدارة الجمارك العامة.
هذا الاتجاه عزز التوقعات بأن الصين ستواصل تعميق الانفتاح عالي المستوى. وقال وزير التجارة وانغ ون تاو إن الصين ستتخذ خطوات إضافية لتوسيع انفتاحها بمبادرة ذاتية، بما يتوافق مع القواعد الدولية عالية المعايير، ويلبّي في الوقت ذاته احتياجات التنمية المحلية.
وفي مقال موقع نُشر في صحيفة الشعب، أكد وانغ أن الحكومة ستدعم الابتكار في التجارة، وتحسين جودة وكفاءة التجارة الخارجية، وتسريع تحول البلاد نحو دولة تجارية قوية.
وتركز الجهود على ترقية تجارة السلع، وتوسيع تجارة السلع الوسيطة والتجارة الخضراء، وتعزيز التجارة الرقمية، وخلق محركات جديدة لنمو التجارة الخارجية. كما ستعمل الصين على تنويع الأسواق وتحسين التكامل بين التجارة المحلية والخارجية.
وجاءت تصريحات الوزير بعد صدور بيانات حديثة تشير إلى نمو مستقر. وقال ليو داليانغ، مدير إدارة الإحصاء والتحليل في الجمارك، إن تجارة البضائع الصينية سجلت نمواً سنوياً متتالياً لمدة 10 أشهر حتى نوفمبر، وهو ما يعكس مرونة وديناميكية القطاع.
وأضاف: "تبنت الصين نهجاً قائماً على الانفتاح والتعاون والمنفعة المتبادلة، ووسّعت بشكل مطّرد تجارتها الثنائية مع شركائها"، مشيراً إلى أن البلاد سجلت نمواً متزامناً في الصادرات والواردات مع أكثر من 110 دول ومناطق، بزيادة تفوق 20 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأشارت لويس لو، رئيسة قسم اقتصاد آسيا في مؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس البريطانية، إلى أن صادرات الصين حافظت على قوتها هذا العام، نتيجة التحول المستمر في هيكل الصادرات من توريد السلع الاستهلاكية للأسواق الغربية إلى توريد السلع الوسيطة للاقتصادات الناشئة، إلى جانب توسعها في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية حيث تحتفظ الشركات الصينية بميزة التكلفة.
وقالت: "تشير هذه الاتجاهات إلى أن المكوّنات الصينية باتت مدمجة بشكل أكبر في سلاسل الإمداد العالمية". وأضافت: "ورغم أن تباطؤ الطلب العالمي قد يضغط على الصادرات، نتوقع أن تظل نقطة مضيئة نسبياً في الاقتصاد الصيني".
من جهته، قال روبن شينغ، كبير اقتصاديي الصين في مورغان ستانلي، إن الصين ستحافظ على حصتها القوية في الصادرات العالمية بفضل سلاسل الإمداد المتكاملة وذات الكفاءة العالية، إلى جانب تقدمها التكنولوجي المتزايد.
وأضاف: "الطلب من الولايات المتحدة سيظل مستقراً العام المقبل، خصوصاً مع الاستثمارات في قطاع الذكاء الاصطناعي المتنامي. وهذا سيعود بالنفع على العالم وعلى الصين، وسيدعم جزءاً من صادرات البلاد".
وبالإضافة إلى دعم الصادرات، ستواصل الصين فتح سوقها الضخم أمام الشركات الأجنبية وزيادة الواردات، بما يعود بالفائدة على الاقتصاد العالمي ويتيح فرص نمو للشركاء الدوليين.
وشدد الوزير وانغ على أن الصين ستواصل توسيع الوصول إلى السوق أمام الشركات الأجنبية، مع إعطاء قطاع الخدمات أولوية في الانفتاح.
وذكر أن الحكومة ستدرس إطلاق برامج تجريبية جديدة لفتح قطاعات إضافية مثل الاتصالات والرعاية الصحية، وتعزيز التوسع المنظم لانفتاح الخدمات بمبادرة ذاتية، وتعميق البرامج التجريبية الشاملة للانفتاح في مواقع مختارة.
وبهدف الاستفادة من إجراءات الانفتاح والبيئة السوقية الديناميكية في الصين، تخطط مجموعة ABB السويسرية للتكنولوجيا لزيادة استثماراتها في قطاع الكهرباء داخل الصين خلال السنوات الخمس القادمة.
وقال سيرجيو سيلفستري، نائب الرئيس الأول للطاقة الذكية في ABB، إن "الصين مكان يجب أن نكون فيه"، مشيراً إلى أن انفتاح السوق الصينية وسرعة تطورها، إضافة إلى وفرة المواهب والبيئة الصناعية المتكاملة، كلها عوامل تعزز جاذبيتها للاستثمار طويل الأمد والابتكار والتصدير.
وتصدّر الشركة حالياً منتجات وحلول الطاقة الذكية من مصانعها في الصين إلى أكثر من 70 دولة ومنطقة، خاصة في جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية، مع خطط لتوسيع حضورها في أسواق إضافية خلال السنوات المقبلة.